تمثـال فيـنوس دي ميلــو
(القرن الرابع قبل الميلاد)

ينظر الكثير من نقاده الفن ودارسيه إلى تمثال فينوس دي ميلو باعتباره ثاني اشهر عمل فني في العالم بعد الموناليزا. وأحد مظاهر شعبية هذا التمثال هو الصفوف الطويلة للزوار الذين يتقاطرون على اللوفر في باريس لمشاهدة التمثال.
ولا تتمثل شعبية التمثال فقط في توظيفه في الراويات وعلى أغلفة المؤلفات الموسيقية، وانما أيضا في حقيقة انه كان مصدر الهام للعديد من الفنانين الكبار وعلى رأسهم دالي وسيزان وماغريت وسواهم.
وعندما أعارت فرنسا التمثال لليابان في العام 1964 كان عدد من تقاطروا لمعاينته اكثر من نصف مليون شخص.
بعض أسباب شعبية التمثال واضحة، فهو نموذج رائع في البراعة والإتقان الفني. كما أن ذراعي التمثال المفقودين يجعلان من السهل التعرف عليه وتمييزه عن مئات الأعمال النحتية الأخرى.
غير أن هناك سببا آخر لا يقل أهمية، وهو الحملة الدعائية الكبيرة التي نظمها الفرنسيون للتمثال منذ بدايات عام 1821.
لقد كان لدى الفرنسيين منتج متميز وكانوا يدركون أهمية الترويج له. لكن المشكلة الأساسية التي كان يتعين عليهم تدبير حل لها كانت حقيقة أن اسم النحات الذي أبدعه ظل مجهولا.
وقد عثر على تمثال فينوس دي ميلو في الثامن من أبريل 1820 في إحدى المناطق الأثرية بين جزيرة كريت والبر اليوناني من قبل أحد الفلاحين. وقد أخفى الفلاح التمثال عن أعين الأتراك لبعض الوقت مخافة أن يصادروه، إلى أن تعرف على أهميته بعض الفرنسيين الذين قرروا شراءه والاحتفاظ به.
وبعد مفاوضات مضنية بين الفرنسيين والسلطات اليونانية، وافقت الأخيرة على بيعه لفرنسا مقابل 1000 فرنك فرنسي، أي بما لا يتجاوز قيمة قطيع من الماعز بمقاييس ذلك الزمن.
وبعد رحلة في البحر عبر المتوسط، وصل التمثال أخيرا إلى باريس، حيث قام ماركيز ريفيير سفير فرنسا لدى الأتراك العثمانيين بإهدائه إلى لويس الثامن عشر في احتفال خاص.
ويظهر أن هذه التحفة الفنية النادرة التي تعود للعصر الكلاسيكي لليونان كانت هي بالضبط ما كان اللوفر يتوق لاقتنائه في النهاية.
كان ينظر إلى التمثال على الدوام باعتباره تجسيدا للخيال والإلهام والعبقرية التي أبدعت كلاسيكية الإغريق. وقد تبوأ التمثال مكانا متفردا في اللوفر منذ اقتنائه واصبح مصدرا مهما استوحى منه العديد من الفنانين الفرنسيين أعمالهم.
نابوليون بونابرت لم يكن يظهر كبير اهتمام بالفن، ومع ذلك فقد وقف إلى جانب التمثال لكي يحذو حذوه ضيوف الشرف الذين كانوا يزورون باريس في تلك الأيام.
لكن بعد هزيمة بونابرت في ووترلو ونفيه إلى جزيرة سانت هيلينا، توافد على فرنسا مندوبون من الدول التي هزمت نابوليون لكي يطالبوا بقطعهم الفنية المنهوبة.
وخلال عام واحد تمكنت ايطاليا وانجلترا من استعادة كنوزهما الأثرية التي تعود للعصور الرومانية والإغريقية.
لكن بقي تمثال فينوس دي ميلو بحوزة الفرنسيين كي يقلدوه وينسجوا على منواله.
يقول بعض خبراء الفن إن التمثال ربما يعود للفنان العظيم فيدياس أو لزميله براكسيتيليس، وهما نحاتان إغريقيان عاشا في القرن الرابع أو الخامس قبل الميلاد.
لكن بناء على بعض النقوش والكتابات التي وجدت في المنطقة التي عثر فيها على التمثال، يميل بعض المؤرخين الآن إلى أن مبدع التمثال هو الكساندروس الانطاكي، الذي كان موسيقيا ونحاتا عبقريا في ذلك الزمان، ولم تكن شهرته أو موهبته الفنية تقل عن تلك التي لزميليه.



ولمشاهدة التمثال بالكامل ادخل على هذا الرابط

http://mk31.image.pbase.com/u6/franc...41netcopie.jpg


تحياتي للجميع